القائمة الرئيسية

الصفحات

 مقالُ السفر




وحلَّ المساءُ بدَمْس الظلامِ 
وشقَّ السُّحامَ شعاعُ القمرْ

تراءت نجومٌ كلمع اللآلِي
كمثل السُنُونِ بلَثْمٍ ثَغَرْ

تبَسَّمَ خِلِّي، رددتُ ابتسامًا
فَهِمتُ المُرادَ وما قد خَطرْ

فأومأَ رأسًا، وأومأتُ عينًا
بِصَمْت الحروف بدأنا السمرْ

أتذكرُ يومًا؟!... بدأنا سوِيًّا
كأنَّ اللسان لنا قد شُطِرْ!

فَهَمْهَمْتُ آهًا، أضفتُ ابتسامًا
كأنك تبغي مقال السَّفَرْ!

تَغَرَّبتُ دهرًا، مرورُ الليالي
علىٰ النفس يقْوَىٰ ثقالَ الحَجَرْ

وقد غِبْتَ عنِّي، فسِرْتُ وحيدًا
كأنَّ الحياةَ جفاها البشرْ

وفي الأرض أمشي بغير اتجاهٍ
فقد تُهْتُ شوقًا، وزاغَ البصرْ

طويتُ الجنوبَ، وزُرتُ الشمالَ
ويَمَّمْتُ شرقًا، وغربَ النَّهَرْ

تساءلتُ هل لي خليلٌ كظِلِّي
أُناجيه عند الضحىٰ والسَّحَرْ؟

أَمَا أنَّ ظِلِّي جفاني لأنِّي
إذا ما تركتُ اللسانَ عَثَرْ!

وإنْ أَلْقَ خِلِّي لأحكيه سِرِّي
يذوب الكلامُ، ويُنْسَىٰ الخبرْ

فأُسْمِعتُ صوتًا، تحيَّرتُ أمرًا!
فقال البلاءُ علينا قَدَرْ!

وناداني سطِّرْ حروفَ المعاني
فلمْ يُنْسَ يومًا كتابٌ سُطِرْ

فأنشأتُ سِفْرًا لوصف الجَمَالِ
بما جاء طيفًا، وما قد حضرْ

وخبَّأتُ سِفْري، ليحفظ سرِّي
ويلقىٰ خليلي لقاءَ الغُرَرْ

ومرَّتْ ليالي الفراق تُوَانِي
وقد حان وقتُ انتهاءِ السفرْ

حَزَمْتُ الحقائبَ في صُرَّتينِ
وجِئتُ المطارَ لفحص الصُّرَرْ

فصاح الرقيبُ وألفَيْتُ حولي
رئيسَ المطار وجَمْعَ الخفرْ

فقالوا جاسوسٌ وخطَّ كلامًا 
بأحرف نورٍ تُعيقُ البصرْ

فقلتُ بريئٌ ولكن كلامي
بذكر الحبيب به قد بَهَرْ

تعالتْ هنا هَمْهَماتُ الضحكْ
وأهلُ الصِّحاف أذاعوا الخبرْ

ورغم استتار الهوىٰ غُربةً
تَكَشَّفَ أمري وسري انتشر

فكلُّ الأُناس هنا قد دَرَوْا
وكان خليلي أخيرَ البشرْ

أرى أنْ تبَسَّمْتَ في دهشةٍ!
فذاك خليلي مقالُ السفرْ.
.
خواطري

المفردات

سحام = سواد
ثغر = أحدث فيه شق
سِفْر = كتاب 
الغُرَر = الأول من كل شيء
بهر = أضاء

التعقيب:

حل المساء وعمَّ الظلام وظهر شعاع القمر وكانا جالسين ينظران إلى السماء، فبدأت النجوم تتلألأ وهنا تذكر بسمتها حيث كانت إذا بدا منها الأسنان بين شق شفتيها لمع النور كمثل النجوم، ويبدو أنها تذكرت شيئًا فتبسمت فرد الابتسامة وعمَّ الصمت المكان، وفجأةً قالا سويا " أتذكر يوما؟" وكأن لسان واحد شطر في فميهما، فقال لها كأنك تريدين حكاية السفر، وبدأ يحكي قصته حين سافر وغابت عنه فكانت الحياة وكأن جميع البشر قد غادروا، وتاه في الأرض جنوبًا وشمالا وشرقًا وغربا،وكانت الأزمة أنه لا يستطيع حكاية ما يشعر به وإذا رأى خليله يتوقف الكلام وينسى ما يريد قوله، وحدثته نفسه أن يكتب ما يشعر به حتى إذا عاد أعطاه لخليله فيقرأه أول واحد من البشر، وكتب بالفعل كتابات عظيمة، وعند العودة أوقفوه في المطار، واتهموه بأنه جاسوس لأن تلك الكتب كانت حروفها تنير بطريقة تجعل الآخرين لا يستطيعون قراءتها، ولكنه بذل جهدًا ليقنعهم أن هذا فقط من تأثير ذكر حبيبه في الكلمات، وجاءت الصحافة ونشروا ذلك في الأخبار وعلم كل الناس قبل حبيبه، وهنا تبسما على القصة.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

11 تعليقًا
إرسال تعليق
  1. ملحوظة
    في الرابط ( لقاء السفر ).

    ردحذف
    الردود
    1. للأسف الرابط ثابت ولا يتغير، شكراً جزيلاً على التنبيه 🕊️🌹

      حذف
  2. عفوًا 🕊🌹

    ردحذف
  3. كانت ( حروفها )..
    خاطرة جميلة 👏

    ردحذف
    الردود
    1. مروركم أجمل 🕊️🌹 لا حرمنا الله من كرم ذوقكم

      حذف
  4. مروركم أجمل... شكراً جزيلاً لكرم ذوقكم 🕊️🌹

    ردحذف
  5. مِن أجمل ما كتبت🕊️🌹💌

    ردحذف
    الردود
    1. شكراً جزيلاً لكرم ذوقكم 🕊️🌹

      حذف

إرسال تعليق

التنقل السريع
    xxx -->