معارضة المُعَلَّقة
ونشربُ إن وردنا الماءَ صفوا
ونتركُ خلفنا عَبَقًا وطِيبا
فَلَسْنا إن وردنا الماء نطغى
كَطَغْيِ بني عُتاةٍ ظالمينا
إذا بلغ الفطامَ لنا رضيعٌ
تَقَلَّدَ ذا الصراطَ المستقيما
به بدأ الإلهُ خيرَ قولٍ
وأرسلَ بالكتاب المُرْسَلينا
تَفَضَّل ذو الجلال به علينا
فأرسل مصطفى الدنيا الأمينا
فبلَّغَ - نفتديه أبًا وأما-
و وَرَّثَنا المكارمَ كاملينا
.
.
#خواطري
------
الشرح:
بمناسبة هذين البيتين من معلقة عمرو بن كلثوم
ونشربُ إن ورَدْنا الماء صفوا
ويشرب غيرُنا كدرًا وطينا
إذا بلغ الفطامَ لنا صبيٌّ
تَخِرُّ له الجبابرُ ساجدينا
.
وعمرو بن كلثوم هذا شاعرٌ مشهورٌ من شعراء زمن الجاهلية تُوفي عام (600) من الميلاد، وكان قد كتب هذة المعلقة المشهورة في مائة بيت منهم هذين البيتين على شهرتهما بين العرب كأقوى ما قيل من أبيات الشعر فخراً .
لكن على ما فيهما من قوة في التعبير وسحر البيان بالكلمات إلا أنه قد بدا لي منهما ما لفتَ نظري خاصة ما ذكره في كلمات البيت الأول - ونشربُ إن ورَدْنا الماء صفواويشرب غيرُنا كدرًا وطينا- وتشبيهه لورود الناس من قبيلته وقومه على الماء وهو صفوا فيشربون، ثم يتركونه بعد أن شربوا وابتلت عروقهم وحاله كدرًا من ولوغهم فيه وقد مُلِئَ طينًا خلفهم من آثار أقدام خيولهم والبعير، فيتركونه على تلك الحال لمن يأتي من بعدهم قاصدًا الماء ليرتوِي منه!
قلتُ هذه الكلمات في هذا البيت وإن كان فيه ما فيه من الفخر والتباهي في جاهليتهم حينها ولكن هذه الكلمات أثارت في الخاطر سؤالاً منطقيًا وهو ما الفرق بينهم حينئِذ وبين البهائم والحيواناات التي تعيش في البرية والتي ترد إلى الماء وحاله صفوا فتشرب منه وترتوِي وبعد ذلك تتركه مُعَكَّرًا وقد كساه الطين؟
ثم قلتُ إنشاءًا على غرار ما قال في هذة الأبيات:
فنحن –أعني المسلمين من العرب- إن وَرَدْنا إلى الماء وكان حاله صفوا حتى نشرب منه ونرتوِي فإننا نشرب منه ما يكفيينا، ونتركه بعد ذلك من خلفنا فيه الصفو الذي وجدناه فيه قبل أن نشرب والعبق والطيب الذي أهديناه إليه من مرورنا عليه، نتركه على حال أفضل مما وجدناه عليه ليأتي من خلفنا أقوام فينتفعوا بصفائه ويكتسبوا من عبقنا وطيبنا، فليس حالنا كحال هؤلاء القوم العتاة الظالمين فلسنا نطغى على حقوق غيرنا بغير حق أبدا، فنحن قومٌ إذا بلغ رضيعُنا الفطام سار على خير السير وأفضلِ الهدي والتزم الصراطَ المستقيم، الذي دائما نقرؤه في فاتحة كتابنا الكريم " اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم" فقد أرسل الله - جَلَّ جلاله - به النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - والذي نفتديه بآبائنا وأمهاتنا فقد أتانا وترك لنا الميراث العظيم، وتمم مكارم الأخلاق والدين.
صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم ��
ردحذف