القائمة الرئيسية

الصفحات

لكَ الثلثان من قلبي

 لكَ الثلثان من قلبي...




يَمُرُّ الليلُ في سَكَنٍ

 أَبُثُّ الخِلَّ أشواقي


وأَنْظرُ صَوبَ عَيْنَيه

ففي العينين تِرْياقي


وتَسْقُمُ ذي الجفونُ إذا

تولَّى عنهمُ الرَّاقي


فيأتي الخِلُّ من صَمْتٍ

 بِبَسْمٍ وَجِمَ أبواقي


وأصغى القلبُ في لَهفٍ

وألقى الدمَّ في الساقِ


فنادى الخِلُّ يا خِلِّي

مَرَرْتَ ضُحىً بأَجْواقِ


ونال البعضُ منزلةً

فما للقلب من باقي؟


أجبتُ ذا الخليلَ بما

عقدتُ العهدَ ميثاقي


أبو نُوَاس مِنْ قبلي

أجاب قَوْلَ حُذَّاقِ :


لكَ الثُلثانِ من قلبي

 وثُلُثَا ثُلُثِه الباقي


وثُلُثَا ثُلُثِ ما بقيَ

وباقي الثُلُثِ للساقي


وتبقى أسهمٌ ستة

تُقَسَّمُ بين عشاقي


وحيث أنني أظما

وهبتُك ما حَبَا الساقي


وحيث القلبُ منعزلٌ

ولستُ أرى بأحداقي


خليلاً نال ما نِلتَ

 فَخُذْ ما نال عُشاقي

.

#خواطري

مفردات المعاني:

وَجِمَ = سدَّ وأسكت
أجواق = جمع جوق وهم الجماعة من الناس
حُذَّاق = جمع حاذق
حَبَا = نال
أحداقي = جمع حدقة العين

الشرح:

يمر الليل في سكون حيث أنا ومحبوبتي في قاربٍ صغيرٍ وسط مياه البحر والقمرُ ساطعٌ يتلصص علينا حيث أبث أشواقي إلى خليلي، وأصف ما أجد في القلب تجاهه من محبة ووُد، في هذه اللحظات أنظر تجاه عينيه لأن فيهما الترياق الذي أبتغي لشفاء القلب مما أصابه من سقم، وتمرض النفس والعين إذا تولى عنهم الحبيب فهو الراقي لهم والمعالج; ومن جنبات الصمت الذي أحاط بخليلي إذ به يبتسم إليَّ ابتسامةً أسكت جميع مخارج الحروف، وأسكتت كل خلية في الجسد حتى لا تنزعج الخلايا بصوتها - الخلية-عند سماع صوت المحبوبة، حتى أن القلب رمي الدم الذي به في الساق ليتفرغ إلى استماع صوت المحبوب ; وهنا نادي الخليل وقال يا خليلي لقد مررتَ في حياتك بأناس مختلفةٌ درجة قربهم منك ومنهم من نال مكانةً في قلبك، فما نصيب قلبي من قلبك؟
أسرعتُ بالإجابة على خليلي بما أخذت عليه العهد والميثاق مع قلبي، وأخبرته أن الشاعر أبا نواس كان قد أجاب على مثل هذا السؤال بمقال جمع فيه الحذاقة والبيان حيث جعل القلب ثلاثة أثلاث، وأعطي لمحبوبه ثلثين، ثم أتى على الثلث الأخير وقسمه ثلاثة أثلاث، وجعل لمحبوبه منه أيضا ثلثين، ثم أتي على ثلث الثلث الذي بقى وجعله ثلاثة أثلاث ومنهم جعل له ثلثين من أحدهم، وجعل ثلث للساقي الذي يرويه بالماء وجامع ذلك أنه قسَّم القلب واحدًا و ثمانين جزءا(81) وجعل لمحبوبه أربعةً وسبعين جزءا (74)، وجعل للساقي جزءًا، والستة أجزاء الباقية جعلها لباقي المحبين; وأنا وإن كنتُ أُوافقه في المسألة إلا أنني أُفضِّلُ العطش على أن أجعل للساقي جزءًا من قلبي فجعلته لك أيضًا فصار معك خمسةٌ وسبعون جزءا، ثمَّ إن قلبي أحب العزلة ولم ترَ أحداق عيني خليلا مثلك نال ما نلتَ من محبةٍ فأخذت الستة أجزاء وجعلتها لك أيضا وهنا يصير معك واحد وثمانون جزءا تمثل القلب بأكمله. 
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

7 تعليقات
إرسال تعليق
  1. إبداع إتقان إحساس راقى

    ردحذف
  2. شكرا لك انت

    ردحذف
  3. من يحب يشعر أن حبيبه امتلك القلب بأكمله وبالرغم من وجود الأحباب إلا انه يشعر أن محبتهم لا تأخذ جزءً من القلب.. حيث القلب يكون مشغولا بحبيبه طيلة الوقت يملأه لا يترك فراغات لأي شخصٍ آخر

    ردحذف
  4. جميل جداً ^^

    ردحذف

إرسال تعليق

التنقل السريع
    xxx -->