نهرُ الدموع
ماذا أقولُ وقد جرى في خاطري
نهرُ الدموع مُدَمَّمُ الشُطآنِ؟!
والدمعُ أصبحَ من شديدِ غزارةٍ
سكبًا يسيرُ مسيرةَ الطُّوفانِ
لا تَلَّ أعلوه فأَنْجُوَ فوقَهُ
حَتَّى السفينة ظهرُها يَأْباني
يا قومَ نوحٍ ما الذي أودى بكم
غَرْقَى سُوى قلبٍ بجهلٍ رانِ
لا لن تكون جَهَالِتي سوَّاقتي
قلبي السفينةُ، عِزَّتي رُبَّاني
يا نهرُ جِف ويا شواطئُ أَزْهِري
لن يستكينَ القلبُ بعد الآنِ
.
#خواطري
الشرح:
كتب الحبيب الأمر الذي طلب منه المحبوبُ أن يقوم به -وذلك بعد أن تركه المحبوب وبعد عنه وأهمل في قلبه أشد إهمال وتركه الأوجاع وزادها مما جعله يبكي دما بدلا من الدموع- طلب منه بكل بساطة أن ينسى الحبيب الجرحَ الذي أحدثه المحبوب في قلبه وأن لا يُعاتب على ما مضى، بل وطلب منه أن يقصَّ عليه شيئًا من القصص ليتسلى به في ليله!
فأجابه الحبيب بهذه الأبيات معبراً عما جرى بداخله من أحاديث وخواطر فقال:
ماذا عليَّ أن أقول لك الآن بعد ما تسبب ما فعلت سابقاً في كسر خاطري كسراً، وإزهاق روح قلبي قهرًا، وأجريتَ دموع عيني التي سارت من حرارة حزنها و ألمها كالنهر الجارِ - من كثرتها-، هذا النهر الذي جرى بدموع عيني كانت جوانب شواطئه مدممة حمراء بسبب الدم الذي أتى من نزيف القلب بعد ما نفذ فيه الجرح الذي أحدَثَتْهُ محبوبتُه بأفعالها له، هذا الدمع الجارِ من شدة انسكابه وسريانه صار كالطوفان الجامح الذي لا يترك أخضرا ولا يابسا إلا وأهلكه ومن فيه أيضا، هذا الطوفان كان كمثل الطوفان الذي جرى في عهد نوح - عليه السلام -، وهنا أشار إلى القلب الذي صار كمثل كنعان بن نوح في أنه لا يجد تلًّا ولا جبلًا يعصمه من هذا الطوفان المدمر الفتاك، بل وحتى السفينة التي كانت تحمل القوم الناجين لم تقبل بهذا القلب على ظهرها لينجو مع من نجا فلا هو قد عُصِم ولا هو قد نجا؛ وهنا حكى ما جرى من محاولة حدثت من قلبه لإدراك الواقع حيث تسائل إن كان الحال الآن أصبح كمثل حال قوم نوح - عليه السلام - إذًا يا تُرى ما السبب الذي أوصل قوم نوح - عليه السلام- لتلك الحال التي أهلكتهم؟ ثم ما لبث أن أتته الإجابة مسرعة وهي أن سبب ذلك هو الجهل منهم والجهالة التي غطت القلب و أَعمَتْ بصيرتَه، وهنا استفاق من غفلته واتخذ قرارًا حازمًا أنه لن تسوقه الجهالة أبدا، وستكون عِزَّته رُبَّان سفينته في حياته؛ ثم وقف مُتَكئاً على سيف كرامته، وأعلن أنه لن يستكينَ ولن يستسلم، وأمر - صارخًا- نهرَ الدموع أن يبتلع مائه وأن يجف، وأمر الشواطئ أن تكفَّ عن التلون باللون الأحمر دما وأن تُزهر أجمل الأزهار فرحاً بعودته.
ماذا أقول؟
ردحذفقُل ما تشاء.....
حذفقل ما تشاء
حذفلا أعلم ماذا أقول؟! ولكن أبكيتني.
ردحذفلمَ البكاء؟
حذف