لا تذيعوا سرَّها
أنا إذْ أموتُ لا تُذيعوا سرَّها
فالسرُّ ظلَّ مُرَافِقِيَا دُهُوارا
وأضيفوا أكفانًا أكِنَّةَ حَوْلِيَا
فالسرُّ فوق الأضلعِ محفورا
ولتُسهبوا للَّحد عُمقًا ربما
ذِكْرُ الحبيبِ يفوح منه عطورا
لا تعجبوا من ذا الشهيدِ بحُبها
هل لي بقلبٍ كان مِثْل صَبُورا!؟
كَم من شهيدٍ أضحى يمشي بيننا
خاض الليالي مُجَنْدَلًا مقبورا؟!
وكفاني صبرًا أن ربِّي قالها
للصابرين حسابَهم مغفورا.
.
#خواطري
الشرح
هذا نصُّ وصيةِ كُتبت مِن قِبَلِ هذا القلب الهائمٍ المُتيم والعاشق الولهان، بعدما بات يشعُرُ شعورًا يقينا لا شك فيه بأنه قد اقترب موعد هذا القلب مع الرحيل النهائي عن دنيا الناس هذه وعن عالم الماديات وإهمال الشعور والأحاسيس، يقول صاحب هذا القلب فيها لمن يقرأ من الناس من حوله:
يا أيها الناس الذين جمعكم القدر بي وبمحبوبتي ووهبتكم الدنيا نعيم القرب من هذين القلبين العاشقين لبعضهما البعض، أوصيكم –والوصية واجبة النفاذ على كل حُرٍّ منكم- أنه إذا ما حان وقت رحيلي عن دنياكم وفارقتُ سماءكم وخطاكم، أرجو أنكم لن تنشروا سرَّ حبيبتي بينكم أبدا فلا تجعلونه حديثا بينكم ولا تلوكونه بألسنتكم مهما طال عليكم الأمد، ومهما قلَّ بينكم العدد، ومهما كان الحال عندكم لعبٌ أو جَد، فإن قلبي من قديم الزمان قد أقسم عليَّ قسمًا مُغلَّظا وأخذعليَّ عهدًا مُوثقا وجعل ما فيه من خواطر ومشاعر وإحساس سرًّا دفينا،
لذا فإني قد حفظتُ في قلبي هذا السرَّ أعواماً وشهوراً وأياماً وساعات، وجعلت ما بين أضلعي صندوقًا متيناً حامياً وحافظاً للقلب وما يحويه من أسرار، ولا يتعجب البعض منكم من هذه الوصية لاعتقاده أن السرَّ قد كُشف من ذي قبل، فإنَّ الكَمَّ الذي يظن البعض منكم أنه على علمٍ به عن قلبي وما فيه وعن قلبها وما يحويه ليس بالشئ الكثير كما يتوقع البعض منكم جهالةً بقدر الأسرار التي داخل الجدران في القلوب!،
فإذا ما حان وقت رحيلي وأتاني منكم من يقوم على غُسْلي وتكفيني أبلغوه بالأمر أن يزيد من عدد الأكفان الساترة الواقية التي تُخفي الجسد عن الأعين فإنَّ حبها قد حُفر على ضلوعي حفرا بارزا، ثم ضعوني في صندوق مرتفع الجدران ولا تنسوا إغلاق هذا الصندوق جيدا!، و أبلغوهم أيضا عندما يقومون بوضع جسدي في اللحد أبلغوا من يحفر اللحد أن يزيد من عمقه أعماقا وأعماقا ثم فليهيلوا عليه التراب كثبانا وحجارة فلربما ذَكَرتْ روحي ما مضى من ذكرى المحبوبَ في قبري وربما ذلك يجعل ذكر المحبوب يفيض عطورا ورياحين من القبر على المارة والزائرين و هنا قد يفتضح الأمر فلا تنسوا من زيادة عمق اللحد؛ لا تتعجبوا من هذا الذي مات شهيدا بحب محبوبته ولا تتسائلوا كيف لكم أن تجدوا قلبا مثله يتحمل هذا الصبر كله؟
ولتعلموا أنما صبرت على مرارة ذلك حينما علمت أن الله جعل للصابرين الأجر بغير حساب.
وجعت قلبى أيحلو لك بكائى كثيرا؟
ردحذف؟؟
حذف🕊🌹
ردحذف